الصناعات الجلدية في نجران: حكاية التراث والإبداع الحرفي
صناعة الجلود في نجران تعتبر من أبرز الحرف التقليدية التي تعكس العمق التراثي والموروث الثقافي للمنطقة، حيث يظهر الإبداع الحرفي في كيفية تحويل الخامات الطبيعية إلى منتجات تتسم بالجودة والتميز، وتتنافس مع ما يتم تقديمه في الفعاليات الثقافية والتراثية، وتبرز هذه الصناعة دورها الفعال في الحفاظ على الهوية التاريخية للمنطقة عبر الأجيال، مما يعكس الحرفية الراقية التي اتسم بها الحرفيون النجرانيون في مجال تصنيع الجلود.
تعتبر هذه الصناعة تجسيدًا للتراث الشعبي النجراني، وقد ساهمت بشكل كبير في المحافظة على الأصول الحرفية التي ورثها الأبناء عن الآباء، حيث تدخل الجلود في إنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات التراثية المعروفة في المنطقة، مثل الجنابي وأحزمتها وأغمدتها، بالإضافة إلى الميازب التي تستخدم لحمل المواليد، وكذلك المشاريب المخصصة لحفظ المياه، حيث تمتاز بقدرتها على التبريد الطبيعي، وهذا يوضح كيف تجسد هذه الأدوات حرفة متقنة ومرتبطة بالثقافة السائدة.
يأتي تأكيد الحرفيين على أهمية هذه المنتجات من خلال ما تشهده من طلب واسع النطاق، سواء داخل المنطقة أو خارجها، حيث تتمتع الجلود النجرانية بشهرة خاصة بفضل جودتها ومتانتها وجمال تصميمها، مما يجعلها محط اهتمام المتخصصين في التراث والمقتنيات الحرفية، وهذا يدل على القيمة الكبيرة للصناعات الجلدية في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانة التراث الثقافي السعودي في المحافل المحلية والدولية.
بحسب أحد الحرفيين المعروفين في سوق نجران الشعبي، تمر عملية صناعة الجلود بعدة مراحل دقيقة من التحضير والتصنيع، بدءًا من جمع الجلود من الحيوانات المختلفة وصولاً إلى عمليات تنقية الشعر والدباغة والتجفيف، وتعد هذه الخطوات العديدة ضرورية لضمان الحصول على منتجات عالية الجودة، ويشدد على أن الابتكار في التصميم وبما يتماشى مع الذوق النجراني التقليدي يظل عنصرًا محوريًا في كل منتج يتم تصنيعه.
تبقى المنتجات الجلدية في نجران دليلاً على المهارة والإبداع، إذ تسهم في إرسال رسالة ثقافية عميقة تأكيداً على أهمية الحرف اليدوية في المملكة، والاهتمام الذي توليه الدولة لتطوير هذه الصناعات ليصبح لها دور أكبر في الاقتصاد، وهذا يأتي ضمن رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تعزيز القطاعات الحرفية وتحقيق النمو المستدام في الصناعات التقليدية، ومن الضروري أن نعمل على استمرار هذا الموروث الثقافي الذي تمثل فيه الحرف اليدوية مكانة خاصة في قلوب المواطنين.







