حصاد الذرة في عسير: استراتيجية لتعزيز الأمن الغذائي والتنمية المستدامة
تحتفل مدرجات عسير الموسم الحالي بحصاد الذرة المحلية وهو مشهد يتكرر كل عام يعكس العلاقة المتينة بين الإنسان والأرض، تنتشر زراعة الذرة في القرى الجبلية والسهول التهامية مستفيدة من الأمطار الغزيرة ومدرجات الجبال، بالإضافة إلى الزراعة التقليدية التي تعتمد على مياه الآبار وهي زراعة مُتكيّفة مع المناخ تُظهر كفاءة مائية عالية تعزز الإنتاج الزراعي في المنطقة وتدعم الاكتفاء الذاتي.
تحمل تقارير وزارة البيئة والمياه والزراعة إشارات إيجابية حول البرنامج الوطني “ريف” الذي ساهم في دعم المزارعين وتعزيز إنتاجية الحيازات الصغيرة في سراة عسير وتهامتها، وقد انعكس ذلك بشكل مباشر على القيمة الاقتصادية للذرة المحلية وأعاد إحياء الممارسات الزراعية التقليدية المتأصلة في تراث المنطقة على مر العقود، مما يزيد من ارتباط السكان بالأرض.
تُعتبر الذرة عنصرًا أساسيًا في المطبخ العسيري، إذ تدخل في إعداد أصناف تقليدية متنوعة كالمشغوثة وفتة الخمير، مما يعكس دورها الحيوي في الأمن الغذائي للسكان على مر الزمن، كما أطلقت الوزارة مجموعة من المبادرات الداعمة للزراعة الجبلية، مثل برنامج المدرجات الزراعية واستغلال مياه الأمطار وتطوير الشراكات مع الجمعيات التعاونية لتوزيع المنتجات المحلية.
يؤكد الباحثون في التاريخ الزراعي أن وجود الذرة كان محوريًا في نشاط الحياة الزراعية بعسير، حيث كانت تُزرع وفقًا لمواسم محددة وتُخزن في مخازن طينية لاستخدامها على مدار العام، ويتماشى هذا مع أهداف تعزيز الأمن الغذائي والتنمية الريفية المستدامة التي تسعى المملكة لتحقيقها ضمن رؤيتها الشاملة.
في ضوء التطور الحاصل في الصناعات الزراعية الحديثة، تنشأ فرص متنوعة لتحويل الذرة العسيرية إلى منتجات ذات قيمة مضافة مثل الدقيق البلدي والمنتجات الخالية من الجلوتين، مع ضرورة العمل على تحسين سلسلة الإنتاج وتعزيز الهوية الجغرافية للمنتج المحلي، مما يعكس أهمية استثمار الموارد الطبيعية بشكل مستدام للحفاظ على التراث الزراعي.
تمثل الزراعة التقليدية في عسير نموذجًا ناجحًا لمفاهيم الاستدامة، حيث تعتمد على تقنيات الري الطبيعية والأمطار، ويساهم الدعم الحكومي والمبادرات التنموية في الحفاظ على هذه الممارسات التراثية كجزء رئيسي من هوية المنطقة الزراعية، ويتجدد موسم الحصاد سنويًا من مناطق كالنماص وتنومة وبلسمر وصولًا إلى تهامة عسير.
