زانيا مونيه: نجاح مطربة الذكاء الاصطناعي في عالم الموسيقى البشرية
        شهدت صناعة الموسيقى في الآونة الأخيرة حدثًا غير مسبوق حيث برزت مغنية R&B افتراضية تُدعى زانيا مونيه التي استطاعت أن تحقق أكثر من 17 مليون استماع في غضون شهرين ووقعت عقدًا قياسيًا يقدر بقيمة 3 ملايين دولار وأصبحت أغنيتها من بين الأبرز في قوائم Billboard ومن اللافت أن هذه المطربة ليست إنسانًا وإنما هي نتاج تعاون بين الخيال البشري وتقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يعكس تحولًا جذريًا في الصناعة الموسيقية.
تم ابتكار زانيا مونيه بواسطة تالِيشا جونز وهي مصممة وشاعرة شابة من ولاية ميسيسيبي الأمريكية حيث استخدمت جونز منصة الذكاء الاصطناعي المعروفة باسم Suno التي تشبه ChatGPT لكن مخصصة للموسيقى، فقد ساعدت هذه الأداة جونز على تحويل كلماتها الشعرية إلى أغانٍ كاملة تحمل إنتاجًا موسيقيًا متكاملًا، مما يشير إلى إمكانيات جديدة في الإبداع الفني وإنتاج الموسيقى.
أغنية مونيه الشهيرة “How Was I Supposed to Know?” قد تصدرت المركز العاشر في تصنيف مبيعات الأغاني الرقمية لفئة R&B واحتلت المركز الثاني والعشرين في القائمة العامة محققة عائدات تقدر بنحو 52 ألف دولار وحتى أغنيتها الأخرى “I Ask For So Little” التي تجاوزت استماعاتها 1.5 مليون، كما حقق ألبومها المصغر المكون من خمسة أغانٍ مبيعات تتجاوز 12 ألف وحدة استهلاكية موسيقية.
تحولت فكرة جونز من مجرد مشروع فني إلى صفقة ضخمة مع شركة Hallwood Media التي يديرها نيل جاكوبسون وهي صفقة بلغت قيمتها ثلاثة ملايين دولار، جاءت هذه الصفقة بعد منافسة قوية مع شركات أخرى كانت تسعى للحصول على توقيع فنانة افتراضية مثل زانيا، وهذا النجاح يطرح تساؤلات قانونية لا تزال تبحث عن إجابات في عالم الموسيقى.
تواجه صناعة الموسيقى حاليًا تحديات قانونية وأخلاقية بسبب عدم وضوح المعايير الخاصة بالحقوق في الأغاني التي تنتجها تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث إن العديد من منصات البث مثل Spotify وApple Music لم تضع بعد سياسات واضحة بخصوص هذه الفئة من الأعمال، وقد يؤدي ذلك إلى ارتباك في السوق، خاصة بعد الدعاوى القضائية المرفوعة ضد بعض المنصات بتهمة انتهاك حقوق الملكية.
شهدت الساحة الموسيقية بروز فنانيين افتراضيين آخرين مثل “Vinih Pray” الذي حقق نجاحًا كبيرًا مع أغنيته “A Million Colors” وكذلك الفرقة الافتراضية “The Velvet Sundown” التي تقترب من تحقيق مليون استماع، ويعتبر هذا التوجه في إنتاج الموسيقى بمساعدة الذكاء الاصطناعي ثورة قد تغير الموازين وتجلب تغييرات جذرية في كيفية صناعة الموسيقى.
يثير المحللون تساؤلات عميقة حول مستقبل الموسيقى وكيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على الإبداع البشري، فبينما يدعو البعض إلى تقليل نسبة العوائد للأعمال التي تعتمد بالكامل على الذكاء الاصطناعي يتحدث آخرون عن أهمية الحفاظ على الفن البشري، وقد أظهرت زانيا مونيه أن الفن الافتراضي يمكن أن يحظى بشعبية كبيرة ويحقق نجاحًا تجاريًا.
تؤكد تجربة زانيا مونيه على أن الجمهور لا يميز بين الفنان الحقيقي والفنان الافتراضي بل يتفاعل مع الموسيقى بغض النظر عن مصدرها، وقد تكون هذه الظاهرة هي النقطة المحورية في تغير مفهوم الجميلات الموسيقية وكيفية إنتاجها في المستقبل، حيث تتلاقى الخيالات البشرية مع الابتكارات الرقمية بصورة جديدة لا يمكن تجاهلها.
