حين استيقظت فجر الأربعاء الماضي، اختلجت في قلبي مشاعر صادمة كأنني استفقت من كابوس. لم يكن ذلك مجرد حلم، بل واقع مرير يتمثل في فقدان (أبو سلطان). تجمعت الذكريات في ذهني، بدءًا من الخبر الصاعق بوفاته، وصولاً إلى مشاعري عند إخبار ابنته، ورؤيتي لجسده الهزيل وهو مسجى على النعش قبل أن تكتمل قواي.
أبو سلطان لم يكن والد زوجتي وحسب، بل كان قدوتي وصديقي، ورمزاً من رموز النجاح والتميز في كل مجالات حياته. لقد زرع حبه في قلوب الجميع، ليصبح عمود الخيمة في مجتمعه، وأثره طغى على كل من عرفه.
في اليوم التالي، انتقلت مع العائلة إلى منزله حيث التقينا بأبنائه (سلطان، وراشد، ونايف)، الذين أبلغوني بأننا سنؤدي صلاة الظهر بجامع الحي لتلقي عزاء جماعة المسجد. كان ملامحهم تعكس تدين والدهم وحسن خلقه، فقد كان إنسانًا خيّرًا ومواظبًا على العبادة.
بعد الصلاة، بدأنا بسرد المواقف العائلية التي جمعتنا به، حتى خلال أيامه الأخيرة. قصص حبه وولائه وتضحياته لأسرته كانت تدور في أذهاننا، مما زاد من عمق فراقه.
وصلنا لمقر العزاء في بيت (العم راشد)، حيث استقبلنا طيف من الأقارب والمعزّين رغم مشاغلهم. الكثيرون كانوا قد جاءوا ليتذكروا سيرة (أبو سلطان) العطرة، وما تركه من أثر دائم كوكيل رئيس البلدية لأكثر من 30 عامًا.
أما أصعب اللحظات، فكانت عندما أستيقظ مجددًا في الصباح، لأجد نفسي في مواجهة واقع حزني. ولكن عزائي هو المحبة الكبيرة التي تركها في قلوب الناس، والتي ستظل تعيش بفضل أعماله وأخلاقه. سيرة (أبو سلطان) ستبقى خالدة، تذكرنا دائمًا بأنه كان بحق “فاكهة الجلسة”.