اخر اخبار

المطحنة التقليدية: تراث وصوت ريف جازان الأصيل

تبرز المطحنة كأحد الرموز الأساسية للحياة الريفية في جازان حيث تمثل ارتباط الإنسان بالأرض وصبره عليها وكانت تستخدم يومياً في البيوت القديمة محققةً أصوات الجهد والعمل المستمر ومن خلال الطحن اليومي كانت رائحة الحبوب المطحونة تعمّ المنازل لتروي قصص الكفاح والبساطة في حياة السكان الذين اعتمدوا على ما تقدمه لهم الطبيعة من أدوات تقليدية وتمثل المطحنة جزءًا مركزيًا من التراث المحلي الذي يعكس أسلوب الحياة القديمة.

تُعد المطحنة رمزًا محفوظًا لذاكرة جيل من النساء اللواتي ميزن الحياة اليومية بمهارة وإبداع في إعداد الطعام فتلك النسوة استخدمنها بفضل عزيمتهم المتوارثة وبشكل تقليدي ساهم في إحياء عادات وتقاليد ماضية لتبقى المطحنة شاهدًا على زمن كانت فيه الحجارة قادرة على سرد حكايات لا تنسى عن الحياة اليومية وبساطتها وتمثل هذه الأداة أكثر من مجرد أداة للطحن بل هي جزء لا يتجزأ من الذاكرة الثقافية للمجتمع الجازاني.

نحتت المطحنة من الحجر الجبلي الأسود القوي وأخذت أشكالًا تصميمة متنوعة حيث تميزت بسطح خشونة تعزز من قدرتها على الطحن اليدوي باستخدام أداة تعرف بالودي وهي أداة أسطوانية تُحرك على سطح المطحنة لتسهيل عملية الطحن مما يظهر براعة الحرفيين المحليين في استخدام الموارد المتاحة لهم في تصميم هذه الأدوات التقليدية التي خلدت في ذاكرة المجتمع الجازاني.

تستعمل المطحنة في جازان لطحن أنواع الحبوب المختلفة لإعداد الأطعمة الشعبية كالعشة والخمير والخضير وتعتبر جزءًا لا يتجزأ من أدوات المطبخ التقليدي بالإضافة إلى الميفا والحيسية وغيرها من الأدوات ما يجعل منها عنصرًا أصيلاً يعبّر عن الحياة اليومية القديمة ويعكس التراث الثقافي المتنوع للمنطقة مما يساهم في الحفاظ على هذه العادات والتقاليد للأجيال القادمة.

يرى المهتمون بالتراث الشعبي أن المطحنة تجسّد روح الاعتماد على الذات وبساطة الحياة الريفية داعين إلى ضرورة الحفاظ عليها وعرضها في المتاحف والمهرجانات التراثية لتعريف الأجيال الجديدة بجمال تلك المرحلة التي بُنيت فيها الحياة بالعمل واليدين مما يعتبر دعوة للحفاظ على تراث الأجداد وتعزيز الهوية الثقافية للمنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى